بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نستكمل معا آخر مقال عن فضيلة الحياءلايعتبر الحياء من الجبن فان من يملك فضيلة الحياء يفضل أن يراق دمه
ولايراق ماء وجهه من فعل شيء منبوذ وتلك هي الشجاعة .
ومن حق الرجل الخجول يصحبه شيء من الخوف وخوف الرجل الفاضل علي كرامته وعزة نفسه أن تذهب بها المواقف المحرجة وهذا التخوف هو الجرأة المحمودة .
فان الذين يخافون مايخزي ويخجلون من الفرار لوقام الجهاد لقاتلوا وحازوا علي الفخر .
وهناك طبائع تكون الصفاقة لازمة لها ولانجد عذرها الحياء في استعدادها الفطري وفي الوقت نفسه نجد بعضا من الناس مرهف الحس شديد الخجل الي حد بعيد .
ومع أن الخجل هو العنصر الواضح في الحياء قد يقع في الخير والشر وقد يورط صاحبه ورطات سيئة أما الحياء في حد ذاته فلا يكون الافي الحدود المشروعة .
ولايكون الحياء أبدا في اتجاه الباطل واذا ضل الناس فلا موضع للحياء معهم وعندما يقف الرجل موقف يناصر فيه الحق فلامجال هنا للحياء الذي يضيع الحق .
وقد اتهم المشركون الاسلام بعدم الحياء عندما فضحهم وأعلن عجز الاصنام عن خلق ذبابة لاتستطيع حماية نفسها من هجوم بعوضة .
فنزل قوله تعالي :
ان الله لايستحي أن يضرب مثلا مابعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا " البقرة : 26
فابراز وضع الاصنام في صورتها الحقيقية من العجز فهو حق
"والله لايستحي من الحق " الاحزاب :53
وأسمي صور الحياء وأكرمها يكون مع الله عز وجل فنحن نرزق منه الخير كله ونتنفس في جوه ونعيش علي أرضه ونشعر بالامن والاطمئنان في اللجوء اليه .
والانسان يخجل من تقديم أية اساءة لانسان مثله سبق فكان سببا في تقديم نعمة له فكيف يسيء الانسان الي ربه بمعصيته .
الله الذي أنعم عليهم بعظيم آلاءه منذ خلقهم الي وفاتهم والي مابعد ذلك من أيام الخلود بالآخرة .
وان حق الله علي عباده لعظيم لوقدروا الناس قيمة هذا الحق لتسارعوا علي الخيرات يقومون بها من تلقاء أنفسهم وأسرعوا لترك السيئات خجلا من الله بمقابلة الخير ، بالجحود .
عن ابن مسعود : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
" استحيوا من الله حق الحياء " قلنا ان نستحي من الله يارسول الله ـــ والحمد لله ــ قال ليس ذلك .. الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وماوعي ، والبطن وماحوي ، وتذكر الموت والبلي ومن أراد ترك زينة الحياة الدنيا ، وآثر الاخرة علي الاولي فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء " الترمذي
ان علي المسلم ينزه لسانه من الخوض بالباطل ويعف نظره عن الشهوات وأذنه من استماع سرا أوتبحث عن خبئا وعليه ألا يدخل بطنه الحرام ويقنع نفسه بالميسور من الطيب .
وعليه ايضا قضاء أوقاته فيما يرضي الله وابتغاء ماعنده من ثواب بعيدا عن النزوات ومتع الدنيا الزائلة .
وفعل هذا عن شعور بأن الله يراقبه ونفوره من تفريط في جنب الله فهكذا استحيا من الله حق الحياء والحياء بهذه الصورة الشاملة هو الدين كله .
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
" الايمان بضع وسبعون شعبة فأفضلها قول لااله الا الله وأدناها اماطة الاذي عن الطريق والحياء شعبة من الايمان .
وقد جاء في الأثر
"استحي من الله كما تستحي من أولي الهيبة في قومك "
المسلم مننا في وجود رجال لهم مكانتهم الاجتماعية يسلك سلوكا منضبطا فالكلام بقدر والتصرف بحذر .
ويجب علي المسلم أن يهيب الله لجلاله وعظمته لمراقبة الله ليلا ونهارا .
وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
" الحياء خير كله " رواه مسلم
وأخيرا لانترك صبغة الحياء تسقط عن الوجه حتي تستمر لنا الحياة الفاضلة .
دمتم بحفظ الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته